فصل: 2- الدلالة على أصل الحركة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم



.2- الدلالة على أصل الحركة:

ككتابة الكسرة ياء والضمة واوا نحو وإيتائي ذي القربى وسأوريكم أو الدلالة على أصل الحرف ككتابة الصلاة والزكاة والحياة والربا بالواو بدل الألف.

.3- الدلالة على بعض اللغات الفصيحة:

ككتابة هاء التأنيث تاء في لغة طيّء، ومثل حذف آخر المضارع على المعتل لغير جازم مثل: {يَوْمَ يَأْتِ} في لغة هذيل.

.4- الدلالة على معنى خفي دقيق:

كزيادة الياء في قوله: {والسّماء بنيناها بأييد} بياءين؛ وذلك للإيماء إلى قدرة الخالق جل وعلا- التي بنى بها السماء، وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وكزيادة الألف في {وجاى بالنّبيّين} [الزمر: 69] {وجاى يومئذ بجهنّم} [الفجر: 23] للتهويل والتفخيم والوعيد والتهديد.
ومن هذا القبيل كتابة هذه الأفعال بغير واو {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ} [الإسراء: 11] {وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ} [الشورى: 24] {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ} [القمر: 6] {سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} [العلق: 6] فإنها كتبت في المصاحف العثمانية بغير واو، ولذلك سر دقيق لمن أمعن النظر؛ فالسر في حذفها- كما قال المراكشي-: التنبيه على سرعة وقوع الفعل، وسهولته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود، أما الحذف في الأولى فللإشارة إلى أن الإنسان يسارع إلى الدعاء بالشر، كما يسارع إلى الخير بل إثبات الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير، ولاسيما عند الغضب، وأما السر في حذفها في الثانية فللإشارة إلى سرعة ذهاب الباطل واضمحلاله، وأما السر في حذفها في الثالثة، فللإشارة إلى سرعة الدعاء وسرعة إجابة الداعين، وأما السر في حذفها في الرابعة، فللإشارة إلى سرعة الفعل، وإجابة الزبانية.
أقول: وفيه- أيضا- تطابق بين المتجاورين في اللفظ؛ إذ قبلها {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ} وإشارة إلى أن إجابة الزبانية أسرع من إجابة أهل ناديه.
وعلل الشيخ العلامة المراكشي لزيادة الواو في قوله تعالى: {سأوريكم دار الفاسقين} [الأعراف: 145]، وقوله: سأوريكم آيتي للدلالة على ظهور معنى الكلمة في الوجود، في أعظم رتبة للعيان، قال: ويدل على ذلك أن الآيتين جاءتا للتهديد والوعيد، أقول: فيكون فيه تطابق بين اللفظ والمعنى.
أقول: وعلى هذا اللون من الاجتهاد في التعليل للرسم يمكن أن نقول في زيادة الألف في قوله تعالى: {ولأوضعوا خللكم} [براءة: 47] السر فيه الإيماء إلى أن هؤلاء المعتذرين المتخلفين من المنافقين لو خرجوا معكم لأكثروا من الإيضاع في الفتنة، والإفساد- والإيضاع هو الإسراع- ولجاوزوا الحد في هذا، فتوافق الرسم والمعنى.
وفي زيادة الياء في قوله تعالى: {بأيّيكم المفتون} [القلم: 6] أي: المجنون، الإشارة إلى أن جنون المشركين بلغ الغاية، وتجاوز الحد وأنهم المجانين لا أنت لأن مثلك يا محمد في رجاحة عقلك وعظم أخلاقك وسمو فضائلك لا يصح أن يرمى بالجنون، فمن رماك به فقد رجع على نفسه بالجنون، وبذلك يتوافق الرسم، والمعنى، والكلام في ظاهره ترديد بين أمرين، وهو في الحقيقة يراد به ما ذكرت، وهو لون من ألوان الحجاج في القرآن، يدل على غاية النصفة مع الخصوم، ومثله قوله سبحانه: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} مع اليقين أن النبي وأتباعه على الهدى، وهم الذين في ضلال بيّن ظاهر.
وأن نقول في زيادة الألف آخرا في قوله تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85]. الدلالة على كثرة ذلك. وأن سيدنا يعقوب ما كان ينفك عن ذكر يوسف عليه السلام.
وفي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ} [النحل: 48] الدلالة على كثرة تفيء الظلال وعمومها لكل ذي جرم.
وقوله تعالى: {وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى} [طه: 119] الدلالة على دوام عدم الظمأ، واستمرار الري لمن كان في الجنة.
وقوله تعالى: {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] أي: عبادتكم. أو تضرعكم بالدعاء المبالغة في عدم اعتناء الله بمن لا يعبده، ولا يتضرع إليه.
وكذلك زيادة الألف في لفظ الرِّبَوا ليتوافق الرسم والمعنى، فالربا زيادة بلا مقابل، وهذه الألف زيادة بلا مقابل في التلفظ.
وكذلك نقول في زيادة الألف بعد الفعل المضارع المعل الآخر في قوله تعالى: {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] فيها الإشارة إلى كثرة عفو الله، واستمراره، وإلا فلو أخذنا الله بمعاصينا وآثامنا لما ترك على ظهر الأرض من دابة.
فإن قيل: إن بعد هذه الآية بآيات قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} قلت: أما على قراءة ويعف عطفا على المجزوم قبله فحذف الواو ظاهر؛ وأما على قراءة ويعفو بالرفع على الاستئناف بغير ألف؛ فذلك لأنه لما كانت حالة الإهلاك بسبب تسليط الأعاصير على السفن قليلة كان ما يترتب على ذلك من العفو ليس كثيرا أيضا، فلذلك لم يؤت فيها بالألف بعد الواو، على أن مجيئها بغير ألف هو الأصل فلا يسأل عنه.
وكذلك زيادة الألف في قوله تعالى: {وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ} [النور: 8] أي:
يدفع للإشارة إلى قوة واستمرار درء الحد عنها ما دامت شهدت هذه الشهادات الخمس.
وكذلك زيدت الألف بعد الهمزة في قوله تعالى: {إني أريد أن تبوءا بإثمي وإثمك} [المائدة: 29].
وقوله: {لتنوأ بالعصبة أولى القوة} [القصص: 76] للإشارة في الأولى إلى أنه يبوء بإثمين بسبب فعل واحد؛ وفي الثانية إلى كثرة مفاتيح قارون كثرة بها ثقلت وأثقلتهم، فكأنها ثقلان فجاء الرسم موحيا بهذا المعنى.
وأما حذف الألف من سعوا في قوله تعالى: {والّذين سعو في آياتنا معجزين} [سبأ: 5]، فللإشارة إلى أنه سعى بالباطل، لا يصح أن يكون له ثبات في الوجود، وأنهم لن يحصلوا منه على طائل.
ومثل ذلك: {وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 116] وقوله: {فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً} [الفرقان: 4] {وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ} [يوسف: 16] {وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: 18] فهو لبيان أن مجيئهم ليس على وجه صحيح، ويغلب عليه التصنع، والزور، والتمويه: فمن هنا جاء رسم الكلمات على غير المعهود المعروف.
وكذلك حذف الألف من قوله: وعتو عتوّا كبيرا للإشارة إلى أنه باطل ولا أثر له يذكر في الوجود.
وقالوا: حذفت الألف من معظم الألفاظ الأعجمية في الأصل كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وهارون ونحوها لكثرة الاستعمال، فقد رسمت في المصاحف بدون ألف، وإنما لم تحذف من داود؛ لأنه حذفت منه الواو، فلم يجحفوا بحذف ألف أخرى.
وأما زيادة الياء في قوله تعالى: {وإيتائ ذى القربى} [النحل: 90]
فللإشارة إلى أن الإيتاء ينبغي أن يكون ممدودا موصولا غير منقطع، فيكون فيه تطابق بين اللفظ والمعنى، وفي قوله تعالى: {ولقد جاءك من نبإى المرسلين} [الأنعام: 34] للإشارة إلى كثرة ما جاء في القرآن من أخبار الأنبياء، وتحملهم الأذى البالغ، والصبر الصابر، حتى جاء نصر الله.
وفي قوله: {ومن آناء الليل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى} [طه: 130] للإشارة إلى أنه ينبغي أن يشغل معظم ساعات الليل بالقيام والتسبيح، فجاءت هيئة رسم اللفظ موحية بهذا المعنى، وفي قوله: {أو من وراءي حجاب} [الشورى: 51]. للإشارة إلى كلام من وراء وراء فهو وراء فسيح ممدود لا حد له.
وهكذا لا يعدم المتأمل في رسم القرآن، بعقل فسيح وقلب مستنير، من أن يجد في الرسم من أسرار القرآن الشيء الكثير، فلله در القرآن ما أعظم بركاته، وما أكثر أسراره معنى ولفظا ورسما.

.5- إفادة بعض المعاني المختلفة بطريقة لا خفاء فيها:

وذلك نحو قطع كلمة (أم) في قوله تعالى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ووصلها في قوله تعالى: {أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} فقطع الأولى في الكتابة للدلالة على أنها (أم) المنقطعة بمعنى بل، ووصل أم الثانية للدلالة على أنها ليست المنقطعة، وإنما هي المتصلة.

.6- احتمال الرسم للقراءات المتواترة والصحيحة:

وذلك مثل قوله تعالى: {وتمّت كلمت ربّك صدقا وعدلا} الآية فقد قرئت بالإفراد والجمع، يعني تمت كلمت ربك أو كلمات ربك.